اكوا باور: تحليل شامل لأدائها في سوق الأسهم السعودية

تأسست شركة اكوا باور في عام 2004 تحت اسم "الشركة العربية للمياه والطاقة"، واتخذت من الرياض مقرًا رئيسيًا لها. منذ بداياتها، وضعت الشركة نصب أعينها تطوير مشاريع البنية التحتية الحيوية في مجالي الطاقة والمياه، مركزة على تلبية احتياجات المملكة المتزايدة للطاقة الكهربائية والمياه المحلاة. بمرور الوقت، توسع نشاط الشركة ليشمل مشاريع دولية في إفريقيا وآسيا، وتنوعت محفظتها لتشمل محطات تعمل بالوقود التقليدي، وأخرى تعتمد على الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، بالإضافة إلى مشاريع تحلية المياه بتقنيات متقدمة. إدراج اكوا باور في السوق المالية السعودية منحها زخماً إضافياً، ما أتاح لها الوصول إلى قاعدة أوسع من المستثمرين، وجمع تمويلات ضخمة لدعم خططها التوسعية. اليوم، تعتبر اكوا باور من الشركات القيادية في قطاع الطاقة والمياه، وتلعب دورًا محوريًا في تحقيق أهداف رؤية المملكة 2030 فيما يتعلق بالطاقة النظيفة والاستدامة.

تنشط اكوا باور في ثلاثة مجالات رئيسية: توليد الكهرباء التقليدية، مشاريع الطاقة المتجددة، وتحلية المياه. في قطاع الكهرباء، تدير الشركة محطات تعمل بالغاز والوقود الأحفوري لتلبية الطلب الصناعي والسكني. أما في مجال الطاقة المتجددة، فقد برزت اكوا باور كمطور رائد لمحطات الطاقة الشمسية الضخمة، ومحطات طاقة الرياح داخل المملكة وخارجها. تساهم هذه الاستثمارات في دعم تحول السعودية نحو مصادر طاقة أكثر استدامة. في قطاع المياه، تدير الشركة محطات تحلية كبرى تعتمد على تقنيات متعددة منها التناضح العكسي والتكثيف الملحي، ما يجعلها عنصرًا أساسيًا في تأمين احتياجات المملكة المائية. يدعم هذا التنوع قدرة اكوا باور على تحقيق إيرادات مستقرة من عقود طويلة الأجل مع جهات حكومية، ويمنحها مرونة في مواجهة التحولات التنظيمية والسوقية.

أدرجت اكوا باور في السوق المالية السعودية تحت رمز (2082)، وتندرج ضمن قطاع المرافق العامة (Utilities)، مما يجعلها من الأسهم القيادية في المؤشر العام (تاسي). ساهم الإدراج في زيادة شفافية الشركة من خلال الالتزام بالإفصاح الدوري عن نتائجها المالية، وفتح المجال أمام المستثمرين الأفراد والمؤسسات للمشاركة في نموها المستقبلي. يعتبر سهم اكوا باور من الأسهم النشطة والجاذبة للسيولة في السوق السعودي، خاصة مع ارتفاع الطلب على الشركات التي تركز على الطاقة المتجددة ومشاريع البنية التحتية. كما أن توسع قاعدة المساهمين وتنوعها يعكس ثقة السوق في استراتيجية الشركة وقدرتها على تنفيذ مشاريع ضخمة محليًا ودوليًا.

تشير البيانات المالية الحديثة إلى أداء قوي لأكوا باور خلال عامي 2024 و2025. بلغ سعر السهم في منتصف 2025 حوالي 70–80 ريالاً سعودياً، وتقدر القيمة السوقية بمليارات الريالات، حيث تتجاوز 35-40 مليار ريال بافتراض عدد الأسهم في حدود 500 مليون. سجلت الشركة صافي ربح سنوي في 2024 قدره 1.75 مليار ريال، بزيادة سنوية بلغت نحو 6% مقارنة بعام 2023. أما الربع الأول من 2025 فقد شهد قفزة في صافي الربح إلى 427.2 مليون ريال، بنمو 44% عن الفترة المماثلة. مكرر الربحية (P/E) يدور حول 25، فيما بلغ عائد التوزيعات النقدية 3–4% حسب السياسة السنوية. وتدل هذه الأرقام على وتيرة نمو متسارعة مدعومة بدخول مشاريع جديدة حيز التشغيل وارتفاع الإيرادات التشغيلية.

أظهرت اكوا باور التزاماً بالإفصاح المالي الدوري مما يوفر للمستثمرين رؤية واضحة عن أدائها. في الربع الرابع من 2024، سجلت الشركة صافي ربح 502.2 مليون ريال، بينما بلغ صافي الربح السنوي 1.75 مليار ريال. بالنسبة للنصف الأول من 2024، سجلت أرباحاً قدرها 926.8 مليون ريال، بارتفاع 36% عن الفترة المماثلة للعام السابق. أما في التسعة أشهر الأولى من 2024، فقد وصل صافي الربح إلى 1.25 مليار ريال. هذا النمو يعود جزئياً إلى تشغيل محطات جديدة وزيادة فعالية المحطات القائمة، بالإضافة إلى تحسن العوائد من العقود طويلة الأجل. وتعد النتائج المالية دليلاً على مرونة الشركة في التكيف مع التغيرات السوقية وتحقيق الاستدامة في الربحية.

تعد الطاقة المتجددة محوراً استراتيجياً في أعمال اكوا باور، حيث استثمرت بشكل كبير في مشاريع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح خلال السنوات الأخيرة. يأتي ذلك تماشياً مع توجه المملكة لتقليل الاعتماد على النفط وزيادة حصة الطاقة النظيفة ضمن مزيج الطاقة الوطني. وقعت الشركة عدة اتفاقيات كبرى لتطوير محطات شمسية ورياح، وأصبح لديها وجود ملحوظ في مشاريع مثل الشقيق الشمسية. توسع اكوا باور في هذا القطاع لا يقتصر على السعودية فقط، بل يمتد إلى دول مثل المغرب، جنوب إفريقيا، وماليزيا، حيث تسعى لتنفيذ مشاريع ضخمة بطاقة إنتاجية عالية. هذا التوجه يعزز مكانة الشركة بصفتها رائدة في التحول نحو الطاقة المستدامة على المستويين المحلي والعالمي.

يعد قطاع تحلية المياه من المجالات الحيوية التي تركز عليها اكوا باور، نظراً للأهمية الاستراتيجية للمياه في المملكة والمنطقة. تدير الشركة عدة محطات تحلية تعتمد تقنيات حديثة مثل التناضح العكسي (RO) والتكثيف الملحي (MSF)، ما يمكنها من توفير كميات ضخمة من المياه العذبة للسكان والصناعة. وتساهم عقود البيع طويلة الأجل مع الجهات الحكومية في تعزيز استقرار إيرادات هذا القطاع. إلى جانب ذلك، تستثمر الشركة في تطوير حلول مبتكرة لتحسين كفاءة استهلاك الطاقة في محطات التحلية، ما ينعكس إيجابياً على هوامش الربح والاستدامة البيئية.

لم تقتصر طموحات اكوا باور على السوق السعودي، بل امتدت لتشمل أسواقًا ناشئة ومتقدمة في آسيا وإفريقيا. وقعت الشركة مذكرات تفاهم واتفاقيات مع جهات حكومية في ماليزيا لتطوير مشاريع طاقة متجددة بطاقة تصل إلى 12.5 جيجاوات بحلول 2040. كما دخلت الشركة في مشاريع طاقة الرياح في أوزبكستان، حيث دخلت محطتان ريحيتان مرحلة التشغيل التجاري في النصف الثاني من 2024. هذه التوسعات الجغرافية تمنح اكوا باور تنوعاً في مصادر الدخل وتقلل من المخاطر المرتبطة بالاعتماد على سوق واحد فقط، كما تدعم سمعتها كمطور إقليمي ودولي للطاقة النظيفة.

تواجه اكوا باور منافسة قوية من عدة شركات محلية وعالمية. على رأس المنافسين المحليين تأتي الشركة السعودية للكهرباء (SEC)، التي تهيمن على قطاع توليد ونقل الطاقة الكهربائية في المملكة. بالإضافة إلى شركة المياه الوطنية، التي تشارك في مشاريع تحلية وتوزيع المياه. هناك أيضاً شركات مثل مرافق وتبريد، إضافة إلى شركات طاقة مستقلة ومطورين دوليين ينافسون على مناقصات حكومية في مشاريع الطاقة المتجددة. رغم ذلك، تظل اكوا باور متقدمة من حيث حجم المشاريع وتنوعها، لا سيما في قطاع الطاقة المتجددة، ما يمنحها ميزة تنافسية في السوق.

شهدت اكوا باور في السنوات الأخيرة سلسلة من التطورات المهمة. ففي يونيو 2024، أعلنت عن توقيع ثلاث اتفاقيات لمشاريع طاقة شمسية بقيمة إجمالية بلغت 12.3 مليار ريال، ما عزز من مكانتها في القطاع. كما شهدت الشركة توسعاً دولياً من خلال شراكات في ماليزيا وأوزبكستان. على صعيد التمويل، أعلنت في يونيو 2025 عن نيتها جمع نحو 7.1 مليار ريال عبر إصدار أسهم حقوق أولوية لدعم خططها التوسعية. في جانب الابتكار، تستثمر اكوا باور في تقنيات جديدة مثل الهيدروجين الأخضر وتخزين الطاقة، ما يواكب الاتجاهات العالمية في مجال الطاقة المستدامة. تعكس هذه التطورات التزام الشركة بتحديث محفظتها الاستثمارية واغتنام فرص النمو المستقبلية.

يعد قطاع الطاقة والمرافق العامة من القطاعات الحيوية في المملكة العربية السعودية، ويشهد زخماً كبيراً نتيجة التوجه الحكومي نحو التنوع الاقتصادي والطاقة المتجددة. ساهمت مبادرات رؤية 2030 في تعزيز الاستثمارات في الطاقة الشمسية والرياح، مع تخصيص ميزانيات ضخمة لهذا المجال. كما يشهد القطاع منافسة متزايدة بين الشركات المحلية والعالمية، خاصة في ظل السياسات التنظيمية الداعمة للقطاع الخاص. تركز أكوا باور على الاستفادة من هذا المناخ الإيجابي عبر الدخول في مشاريع ضخمة وعقود طويلة الأجل، مما يمنحها استقراراً في الإيرادات. في المقابل، تواجه الشركات تحديات مثل تغير أسعار الطاقة، التغيرات التنظيمية، والمنافسة المتزايدة على المناقصات الحكومية.

سجل سهم اكوا باور نمواً ملحوظاً خلال السنوات الأخيرة، حيث ارتفع سعر السهم بنحو 28.1% خلال سنة واحدة، وزاد بحوالي 246.6% خلال خمس سنوات. يعكس هذا الأداء ثقة المستثمرين في استراتيجية الشركة وقدرتها على تحقيق النمو المستدام. تداول السهم نشط وجاذب للسيولة، خاصة في ظل اهتمام المستثمرين بالاستثمار في قطاعات الطاقة المتجددة والبنية التحتية. ومع ذلك، من المهم الإشارة إلى أن أسعار الأسهم عرضة للتقلبات السوقية ولا يمكن التنبؤ باتجاهاتها المستقبلية بدقة.

تتمتع اكوا باور بفرص نمو قوية مدعومة بالطلب المتزايد على الطاقة النظيفة والمياه في السعودية والمنطقة. دعم الحكومة لمشاريع الطاقة المتجددة، وتوسع الشركة في الأسواق الخارجية، واستثمارها في تقنيات مبتكرة مثل الهيدروجين الأخضر، كلها عوامل تدعم استدامة أعمالها. في المقابل، تواجه الشركة تحديات مثل المنافسة الشرسة على المناقصات، التغيرات التنظيمية، وتقلبات أسعار الطاقة والمواد الأولية. كما أن الاعتماد على عقود طويلة الأجل مع جهات حكومية يعرضها لمخاطر التغيرات في السياسات والدعم المالي. من الضروري متابعة تطورات السوق والبيئة التنظيمية باستمرار لضمان استمرارية النمو.

أعلنت اكوا باور في يونيو 2025 عن خطط لجمع تمويل إضافي بقيمة 7.1 مليار ريال سعودي عبر إصدار أسهم حقوق أولوية، ويهدف هذا التحرك إلى دعم خطط الشركة التوسعية في مشاريع الطاقة المتجددة داخل المملكة وخارجها. تعد هذه الخطوة جزءاً من استراتيجية الشركة للحفاظ على مركزها المالي القوي وضمان توفر السيولة اللازمة لتمويل المشاريع الجديدة. عمليات جمع التمويل من خلال حقوق الأولوية قد تؤثر مؤقتاً على سعر السهم بسبب زيادة عدد الأسهم القائمة، لكنها غالباً ما تعزز من قدرة الشركة على تنفيذ خططها التوسعية على المدى الطويل.